شرح قصيدة: الأرجوزة ذات الأمثال

التقديم:
قصيدة زهدية من الأراجيز. و الأرجوزة هي القصيدة المنظومة على بحر الرجز و تمتاز بتصريع جميع الأبيات. و هذا الفن قديم (امرؤ القيس نموذجا) غير أنه لا يضاهي حجم هذه الأرجوزة التي قال عنها صاحب الأغاني إنها بلغت أربعة آلاف. و أبو العتاهية من مواليد القرن الثاني شاعر مغمور النسب تعاطى بيع الفخار. و يعد صاحب الفضل في استقلالية الزهدية و كانت مجرد حكم مبثوثة في أغراض أخرى كالرثاء.

الموضوع:
يتفلسف أبو العتاهية في الحياة و الموت ناصحاً الإنسان بفهم كنه الحياة و اتخاذ الحياة مسلكا.

المقاطع: حسب معيار مواضيع النصح والإرشاد
1- من بـ1 ⬅ بـ5: دعوة إلى القناعة
2- من بـ6 ⬅ بـ9: التنفير من الدنيا
3- البقية : تشريع الاعتدال
-----------
التحليل:
1- المقطع الأول: الدعوة إلى القناعة:
ظاهرة التصريع (الروي التاء في البيت الأول والفاء في الثاني والكاف في الثالث…)
أطروحة متعددة الروي بقانون الأرجوزة المُشار إليه وبرغبة الشاعر في هتك صلبان القصيدة والثورة على هياكلها ملزما النفس بما لا يلزم وكأنّه يستعرض المقدرة على الإبداع خارج المعتاد.
تكرار صوتي (التاء) + لفظي (القوت)
== عناية بالإيقاع الذي لا يقتصر على تعدد القوافي بل يتجاوز ذلك إلى الجمل الاسمية تعريفا وترسيخا للقيم (خير ذخر للمرء حسن عقله)
- الإنشاء، التعجب (بصيغة قياسية) ، الأمر…
- النصح بالقناعة والتخويف من التكالب على المادة
- الشرط: صورة منطقية في الحكمة تشرع ماهو إنساني: فالجشع صفة مرذولة إن استبدت بالإنسان تاق إلى امتلاك كل شيء والاستحواذ على الأرض بأسرها.
  - يلتجئ إلى القدر قوّة قاهرة للإنسان حتى يحدّ من جموح طبيعته. وهذه القوة الغيبية هي المتحكمة في كل شيء بما في ذلك توزيع الأرزاق.
- الجوهر والعرض ثنائية بدت قادحا لكثير من القصائد ( المال/ العقل) ويرجح كفه للثاني الذي يمثل أس النظر في الحياة والتبصير بخديعتها وفي تصور فلسفي يشيد بقيمته التي تتولد من معنى أخلاقي: العقل يشكم الأخلاق.
2- المقطع الثاني: التنفير من الدنيا
الدنيا: كغانية تثير العاشق وتتمنع عنه وقد ينتشي في عالمها أو يتكدّر. فالطباق واقع بين الصفو والقذى والخير والشر. إنّها مجمع المتناقضات لا يركن فيها الإنسان إلى ثبات. وهنا يتوضح المعنى الزهدي( تركها + التأمل في الموت)= مقاطعة مباهجها. فهو الذي قطع منها حبائل الآمال في مقام آخر. وفي صياغة جميلة يجعلها العبرة البليغة التي تنفر الإنسان منها. فتخلق حروف الجحر نغميّة سريعة تسهّل بلوغ الفكرة.
3- المقطع الثالث: تشريع الاعتدال
* أنظمة العقل بأسلوب الشرط المتكرر (من / من) + الخبر المؤكد ( إنّ / إنّ): تقوى منظومة الحجاج ومحاورها
* حتمية الموت+ تدهور المنزلة البشرية: الشباب زيف لذة والمشيب مؤذن بالفناء
* تغيير الشاعر لهيكل القصيدة القائمة على مصراعين بذلك الشطر الأخير المنفرد

* لا تجنح فلسفة الشاعر إلى المثل بل هي منشدة إلى الواقع: تنطلق من الواقع الاجتماعي وتعانق ما هو غيبي. 

تعليقات

المشاركات الشائعة